عندما حطت الطائرةُ رِحالها في مطار (أدم يشاري) في بريشتينا عاصمة كوسوفو في الثامن من فبراير الحالي كنَّا مجموعة من الصحفيين نتشوق إلى زيارة تلك البلد المحشور بين جبال الآلب و سهول البلقان و أكثرُ شغفاً إلى معرفةِ ماذا يدور في مدينة ميتروفيسا !!! الحدودية بين كوسوفو و الصرب تلك المدينة التي لم تغمض عينها قط بسبب الصراع العرقي و الإثني بين أقليات صرب كوسوفو و الألبان ولكن تفاجئنا بدولةٍ طموحة تلامسُ الحُلم الأُوربي.
كوسوفو ذات الخمسة عشر عاماً دولةٌ علمانية بنكهة الإسلام العُثماني تتلمسُ الحُلم الأُوربي و تحافظ على الإسلام كهوية و إنتماء ثقافي ،كَتبتَ قِصتُها بالدم و الحرب ,قصةٌ عنوانها المناضل أدم يشاري الذي قدّمَ رُوَحهُ و 58 شخصاً من عائلته من بينهم صبية و صبايا و شباب و كهول قُرباناً من أجل تحرير كوسوفو من قبضة الشوفينية القومية الصربية.
تمردت كوسوفو على البندقية الشيوعية التي وحدت دول البُلقان تحت مظلة جمهورية يوغسلافيا ، مُعلنةً إستقلالها في عام 2008 تسابقت الدول الأوربية بالإعتراف بها عدا إسبانيا التي تَوجَست خيفةً من إنفصال إقليم كاتلونيا وضياع برشلونة، برغم أن أكثر من 115 دولة إعترفت بإستقلال كوسوفو و بَلغَ العَددُ النِصَاب (ثلثي الدول الأعضاء في الامم المتحدة ) إلا أن الدُب الروسي منعها من الإنضمام إلى النادي العالمي رافعاً الفيتو في وجه آمال وتطلعات مليوني ونصف كوسوفي ، كما حال فلسطين التي لا تزال عضو غير دائم في الأمم المتحدة.
دخلت كوسوفو (قوصوة) كما كان يناديها العثمانيون من قبل بيت الطاعة الأوربي عبر بوابة الناتو (NATO) و بعثة الإتحاد الأوربي EULEX من أجل الحماية الدولية بسبب التطهير العرقي من قبل الصرب في الفترة ما بين 1988
الدين الإسلامي موروث عثماني في كوسوفو يحتل المقعد الخلفي في سياسات الدولة، برغم أن 90% من الشعب مسلم و ما تبقى كاثوليكو أرثوذكس ، دخل الإسلام كوسوفو منذ هجرة التجار المسلمين إلى أرض البلقان و أكتمل بفتوحات السلطان مراد الثاني في عهد الإمبراطورية العثمانية.
هذه الأرض المحشورة بين جبال الآلب الالبانية وسهول البلقان أنجبت المناضل الثوري أدم يشاري في قرية بريكاز الواقعة وسط كوسوفو كما أنجبت ماما تيريزا لأب ألباني كوسوفي في بلدة بريزرن في شمال كوسوفو.
الأم تيريزا التي أرضعت بأنسانيتها نصف أطفال الكرة الأرضية قالت : «بالدم، أنا ألبانية. بالمواطَنة، أنا هنديّة. بالإيمان، أنا راهبة كاثوليكية. أما عن دعوتي، أنتمي إلى العالم.»