رئيس التحرير: طه يوسف حسن
Editor-in-chief: Taha Yousif Hassan

الحرب العبثية في السودان التي يديرها الجنرلات بتمويل خارجي سرقت  ضحكات الناس السمر, سلبت أموالهم و كرامتهم  و أعزَّ ما تملكه حرائر السودان , سرقت أحلام الشباب أصبحت الجامعات أوكاراً و المستشفيات ملاذاً آمناً للقَّناصين.

إختفى بائعوا الفاكهة والخضار في سوق أمدرمان و ماسحوا الأحذية التي تشع من عيونهم مادة الذكاء و تعالت أصوات البنادق، 

أصبحت الجزيرة و عاصمتها مدني كوصف الشاعر:-

أما الديارُ فإنها كديارهِهم        و أرى رجالَ الحيِّ غيرَ رِجالهِ 

الحرب التي جيّشت مشاعر الغضب في كل مدن السودان وضواحيها وقراها وحواريها ميزت الخبيث من الطيب،  كنتُ حينما أُقلِّب القنوات السودانية في رمضان العام الماضي قُبَيلَ إنطلاق شرارة الحرب أستمع إلى أشعار  الحماسة  و الفروسية و الجود والكرم في الخيم التي نصبها مقدمي البرامج  و الأغاني الوطنية و العاطفية التي تَعًِجُ بها البرامج الرمضانية،  يمتلئ صدرك كرامةً و عِزّة و فخر عندما يُوصف السوداني بالفارس الجحجاح ، ما إن إنطلقت شرارة الحرب في مهدها الاول حتى أغلقت القنوات الفضائية إستديوهاتها وترك النابغة الذبياني خيمته التي نصبها لنشر القيم الوطنية و أصبحت أشعارهم و أغانيهم (كلامُ الليلِِ يمحوهُ النهار) هاجر الشعراء و الفنانون و الإعلاميون  إلى أرض الحبشة و إلى مصر و غيرها من بلاد الله قبل أن يُفكر بقية الشعب السوداني في الهجرة  و النزوح. 

هاجروا برغم أن بعض المدن السودانية في الشمال و الشرق كانت ولازالت آمنه ، كنا ننتظر من بعض الإعلاميين وشعراء القيم و الحمّاسة وهم أصحاب رسالة أن يكفكفوا الدموع، وان تكون رسالتهم بلسم الجراح و برامجهم خلال الحرب مستمرة و لو من مقر إقامتهم.

أغلقت بعض الفضائيات السودانية استديوهاتها في الوقت الحرج الذي يتوجب عليها  أن تواصل بثها من المناطق الآمنة في السودان ، أصحاب المطاعم أصروا على قانون البقاء ، حوش السمك فتح فرع في القاهرة و لم تستطع الفضائيات ذات الرسالة السامية أن تفتح أستديو و لو في شقة لتضمد جراح الوطن و تحشد الوطنية فالشاعر يدافع عن وطنه بلسانه وسِناَنه، فهو سلاح الحماسة و مبعث  الهمة، و الصحفي يسطر المآثر ويسجل الأمجاد و للأسف تخلوا  عن رسالتهم وعن جمهورهم.

الصحفي يكتب للجمهور ليواسيهم و يحثهم على الوحدة و يرفع جرعات الوطنية و كذا المُغني و لكن للأسف الكثير من هولاء( أصحاب باردة) ينتظرون أن تضع الحرب أوزارها ليأتوا إلى الوطن الذي فروا منه و الجمهور الذي تخلوا عنه في (وقت الحارة) لينشروا أوهامهم  عبر البرامج المُمِلّة.

سُئلت إحدى الإعلاميات مَنْ تفضل، 

دوستويفسكي أو بوكوفسكي؟

قالت أنها غير مهتمة بكرة القدم!

وتفضل القراءة في أوقات فراغها!”

فالإعلامي الذي لا يفرق بين الكاتب و بين لاعب كرة القدم.

الكثير مِمَنْ إمتهن الإعلام يحتاج الى كيفية« غنغنة الغين» و«قلقلة القاف» للنطق السليم ، الصحافة “هى خلاصة المخزون الادبي وزبدة المعرفة العلمية وجملة التجارب الحياتية التي تترجمها أقلامهم إلى كلمات تطرق أذهان القاري فأما أن تصيبه بفيروس يعطل أنشطته الدماغية أو أن تصبح مادة دسمة تساهم في ترقية وتنمية أفكاره” فالكلمات التي نستخدمها كالثياب التي نرتديها يجب الا تظهر أفكارنا في ثياب رثة بالية; (من لا يحمل جرثومة الكتابة لا يطرق باب الصحافة.)

نُريدُ لكل صاحب رسالة أن يغرس بذرة الوطنية في المواطن السوداني نُريدُ سوداناً . مُعافىَ من العنصرية و الجهوية و القبيلية و الحزبية ، نُريدُ ، نُريد وطناً لايموتُ فيه الذئبُ و لا تُفنى الغنم.

Global Media News

View all posts
arالعربية