جنيف : 17 أغسطس 2024
السفير على بن أبي طالب: لا للحرب أصبحت لغة المجتمع الدولي
يبدو أن ملف السودان بات من الملفات الأكثر أهمية على الطاولة الأمريكية المزدحمة
بملفات أوكرانيا وغزة و مناوشات الحوثي في خليج عدن و إرهاصات الرد الإيراني على إسرائيل ، وسط هذه الملفات الشائكة عقد الرئيس الأميركي ونائبته المرشحة الديمقراطية كاميلا هاريس و وزير الخارجية أنتوني بلينكن و عدد من النواب إجتماعاً في يوليو الماضي حول أزمة السودان كلُِّفَ فيه وزير الخارجية بالعمل على إنهاء الحرب في السودان.
مع اقتراب الإنتخابات الرئاسية الأميركية، يَعتبر المراقبون وقف الحرب في السودان إختراقٌ للكتلة الديمقراطية حيثُ يُساعد في تسجيل نقاط قُبيل إطلاق انتخابات نوفمبر المقبل لصالح المعسكر الديمقراطي.
و استباقاً للسباق الإنتخابي عَزمت الإدارة الأمريكية عقد مباحثات الفرصة الأخيرة في جنيف لوقف الحرب في السودان إستناداً على إعلان جدة.
توم بيرلييو : لدينا تواصل مكثف ويومياً مع وفد الجيش
عدم حضور وفد القوات المسلحة ربما سيُغير في معادلة المسار التفاوضي رغم التواصل اليومي مع قادة الجيش عبر الهاتف وبشكل مكثف، هذا ما أكده توم بيرييلو المبعوث الأمريكي للسودان الذي تحدث عن اختراقات إيجابية وإلى احتمال أن يلتحق وفد الجيش بطاولة المفاوضات في وقت قريب، ووصف بيرييلو الاتصالات مع قادة القوات المسلحة أشبه بالتفاوض، لكن الإدارة الأميركية تأمل وصول وفدهم إلى جنيف.
السفير علي بن أبي طالب : جدة فكرة و ليست مفاوضات
قال السفير علي بن أبي طالب عبدالرحمن الجندي المندوب الدائم الأسبق لبعثة السودان لدى الأمم المتحدة و سفير السودان الأسبق لدى سويسرا ، في تصريحات لموقع( قلوبا ميديا نيوز ) حول مباحثات جنيف : فيما يتعلق بالمشاورات السودانية التي انطلقت الأربعاء 14 أغسطس في جنيف في غياب وفد القوات المسلحة لابد أن نرجع بالذاكرة إلى الوراء إبتداءً بمنبر جدة و مروراً بأديس و القاهرة و المنامة و إنتهاءاً بجنيف، منذ 15 أبريل المضى بدأت المشاورات لوقف إطلاق النار بمنبر جدة الذي تمخض عن إعلان و الإعلان ليس مُلزِماً للطرفين و هذا ما أريد أن أوضحه، لأن هناك تفسيرات خاطئة حول إعلان جدة ، ما حدث في جدة لم تكن مفاوضات و إنما مشاورات خرجت بإعلان أو بيان لإبداء حُسن النية و البيانُ ليس بالضرورة ملُزِماً للطرفين ما في شك أن جدة أعطت هُدنة في بداية الحرب ساهمت في إخراج الأجانب و البعثات الدبلوماسية بصورة سلسة ولكنها لم تكن هناك إتفاقية ملُزمة للطرفين، و سؤالي لماذا يتحجج وفد القوات المسلحة و يتمسك بتنفيذ إعلان جدة و يتخذه حُجةً لعدم المشاركة في منبر جنيف.
و أضاف السفير على بن أبي طالب أنَّ جدة 2 تهدفُ لوقف الحرب و لكنها لم تنجح و، تعددت المنابر ولكن نسبةً لتعنت الطرف الحكومي فشلت تلك المحاولات أبرزُها محاولات الإتحاد الإفريقي و المشاورات الإنسانية التي عقدها المبعوث الخاص للأمين العام رمطان لعمامرة في جنيف في يوليو الماضي لتعزيز إيصال المساعدات الإنسانية و التي انتهت، بالتزامات “أحادية” من طرفٍ واحد.
بعدها مُباشرةً خاطب رمطان لعمامرة مجلس الأمن ،ولابد من الربط الوثيق بين تنوير لعمامرة لمجلس الأمن عن خطورة الوضع في السودان و بين الحراك الأمريكي الذي جاء استجابةً للوضع الكارثي في السودان و يبدو جليَّاً أن لعمامرة أكد لمجلس الأمن أن الوضع يحتاج إلى تحركات على مستوى أعلى.
جنيف ترَتكز ُعلى ثلاث أجندة
مباحثات جنيف تَرتكز ُ على أجندةٍ ثلاث حسبما أكد السفير علي بن أبي طالب وهي وقف إطلاق النار وحماية المدنيين و المسار السياسي الذي لم تكن مناقشته على رأس الأولويات حسبما جاء في نص الدعوة التي بعث بها بلينكن إلى البرهان.
مباحثات جنيف انطلقت فنياً للتشاور حول إيصال المساعدات الإنسانية في غياب وفد القوات المسلحة ، وفي حال حضور الطرف الثاني ستتواصل المباحثات إنطلاقاً من منبر جدة و مشاركة السعودية تؤكد إنتقال منبر جدة إلى جنيف و لكن لابد أن ننظر إلى جدة كفكرة وليست مكان هذه الفكرة انطلقت منها عدد من المنابر و إنتهى بها المضاف إلى جنيف.
و أضاف السفير علي بن أبي طالب (سمعنا عن حِراكٍ دبلوماسي من قبل بلينكن وهو اتصاله بوزير الخارجية التركي هاكان فيدان طالباً منه الضغط على الحكومة السودانية لإلتحاق بجنيف و كذلك سمعنا تصريحاً من البرهان خلال وداعه للسفير النرويجي أكد فيه حرص الحكومة على الحوار مع الطرف الأمريكي وهذا يعني أن مواقف الجيش بدأت تلين كما سمعنا أيضاً على اتصال هاتفي بين بلينكن و البرهان، و في اللقاء التنويري الذي جمع توم بيرييلو بالسفراء في جنيف أبدى بيرييلو استعداده لتمديد إقامته في جنيف في حال حضور وفد القوات المسلحة و ذلك يعني أن حِبال الصبر الأمريكية لا زالت ممتدة.)
إتصالات يومية مكثفة يجريها المبعوث الأمريكي مع قادة الجيش
و حسب مصادر (قلوبال ميديا نيوز) ألمح مسؤول أميركي في حديث لدوائر ضيقة إلى أنه شبه المؤكد حضور وفد القوات المسلحة السودانية في أي وقت للمشاركة في مفاوضات جنيف.
وفي تصريحٍ للمبعوث الأمريكي توم بيرييلو مساء الخميس قال : «نقوم بإجراء الاتصالات الهاتفية بكثافة… يمكن للجميع في هذا التحالف الدبلوماسي التحدث إلى قيادة القوات المسلحة السودانية وقيادة (قوات الدعم السريع)».مُضيفاً : «نحن نتواصل يومياً مع قيادتي القوات المسلحة و(الدعم السريع)، طرفي هذه الحرب».
وأشار المبعوث الأمريكي الخاص إلى وجود «اقتراحات عدة» بشأن آليات ضمان تنفيذ الاتفاقات التي يتم إبرامها، موضحاً: «نلحظ زخماً هائلاً وطاقة سعياً للاتفاق على هذه الآليات ووضعها موضع التنفيذ».
وأعتبر بيرييلو أن «ما يثير الحماس فعلاً هو أننا نجري ما يطلق عليه مباحثات عن قرب، وهو أننا تواصلنا بفاعلية يومياً مع القوات المسلحة السودانية عبر الهاتف و(قوات الدعم السريع )».
معسكر لا للحرب في إزدياد
و أضاف السفير علي بن أبي طالب ( لاحظنا في الآونة الأخيرة كثير من السودانين انضموا لمعسكر لا للحرب حتى الذين كانوا يصطفون مع استمرار الحرب بدأت أصواتهم تتعالى لا للحرب.)
لماذا أتى المجتمع الدولي متأخراً للأزمة السودانية؟
و حسب تصريحات السفير علي بن أبي طالب إلى موقع (قلوبال ميديا نيوز )، لم يتأخر المجتمع الدولي على الاستجابة السريعة للأزمة السودانية ، المجتمع الدولي لديه مصالح ومشاغل و مشاكل في الشرق الأوسط و غزة و أوكرانيا و الكونغو الديمقراطية و لكن برغم ذلك استفاق الضمير العالمي لمعاناة الإنسان السوداني كما هو مُلاحظ الآن في الحراك الدبلوماسي في أروقة جنيف، استشعرنا ذلك في رغبة المجتمع الدولي على إنهاء الحرب، رغم تعنت وفد القوات المسلحة.
نستطيع أن نقول توافقت الرغبة الأكيدة في وقف الحرب في السودان مع مصالح المجتمع الدولي ونستطيع أيضاً الربط بين الإنتخابات الأمريكية في الأشهر الثلاث القادمة و الحراك الأمريكي في ملف السودان الذي يُعتبر استثمار سياسي للديمقراطيين حسب تصريحات السفير علي بن أبي طالب الذي توقع حضور وزير الخارجية الأمريكي بلينكن لتفعيل المسار التفاوضي في حال حضور وفد القوات المسلحة.
و أضاف السفير علي بن أبي طالب ( هناك تحالف تَشكّل لوقف الحرب في السودان يضمُ الأمم المتحدة و الإتحاد الإفريقي و الإيغاد و أمريكياً و السعودية ومصر و الإمارات و سويسرا و غيرهم.)
رسالتي إلى الشعب السوداني
وقال السفير علي بن أبي طالب في رسالته للشعب السوداني : (ملعب الحرب في السودان تغيرَّ بعد أن كانت الحرب في الإطراف انتقلت إلى المركز وهذا ما جعل الصراخ و الأصوات تتعالى برغم أن الحرب كانت موجودة في الأطراف لكننا لم نشعر بقسوتها إلا عندما طرقت أبوابنا في الخرطوم و مدني وسنار ، لكن آن الأوان لنوقف هذه السلسة من الحروب التي انهكت كاهل الشعب السوداني جاء الوقت لنوقف الحرب و نبني السودان بأُسس جديدة نحترم التنوع و نتعايش و أن يصبح شعارنا هو لا للحرب التي أصبحت حِراكٌ دبلوماسي في جنيف و رغبة المجتمع الدولي.)
و أضاف أخبرتني السفيرة الفرنسية Ms. Christine TOUDIC نائبة المندوب الدائم للبعثة الفرنسية لدى الأمم المتحدة في جنيف أنها سعيدة بحضور سودانين من أمريكا و الدانمارك و لندن و فرنسا و مختلف الدول إلى ساحة الأمم المتحدة من أجل وقفة تُعبِّر عن رفضهم للحرب في السودان ، لهذا يجب أن نعمل من أجل وقف الحرب بكلمة أو بحراكٍ دبلوماسي أو بحراكٍ سلمي كما حدث يوم الأربعاء 14 أغسطس في ساحة الأمم المتحدة.
و في الختام سأظلُ متفاءل بمجريات المسار التفاوضي في جنيف إنطلاقاً من حرص المجتمع الدولي ورغبته الأكيدة في وقف الحرب.