رئيس التحرير: طه يوسف حسن
Editor-in-chief: Taha Yousif Hassan

دافوس:25.01.2025

“التعاون من أجل العصر الذكي” عنوان المنتدى الإقتصادي العالمي منتدى دافوس  (WEF ) الذي إختتم أعمال دورته 55 مساء الجمعة 24 يناير الحالي الذي بمشاركة 130 دولة وحوالي 3000 من القادة العالميين.

ومنذ أكثر من 50 عاما، يحاول هذا الاجتماع السنوي الذي يعُقد في منتجع دافوس السويسري تجسيد “روح دافوس” للانفتاح والتعاون، وحدد “بيان دافوس” الذي أنشئ في عام 1973، وتم تجديده عام 2020، المبادئ الرأسمالية لأصحاب المصلحة أو نظام الأهداف المشتركة للشركات.

ركّز المنتدى هذا العام على القلق المناخي و الإستقطاب الثقافي و التوترات التجارية و التأكيد على أهمية الابتكار والذكاء الاصطناعي(AI) .

وشهدت القمة السنوية ال 55  في دافوس مشاركة عدد من الشخصيات السياسية البارزة و نجوم المجتمع حيث شهدت نسخة هذا العام  مشاركة قطاعات متنوعة وصناعات وأجيال مختلفة، 350 من القادة الحكوميين، منهم 60 رئيس دولة وهو تنوع “يشكل عنصرا أساسيا في نهج المنتدى لضمان مناقشة القضايا الأكثر أهمية في العالم وتصميم الحلول من خلال عدسة متنوعة ومتعددة القطاعات

وخاطب القمة كل من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ونائب رئيس الوزراء الصيني دينغ شويشيانغ، والرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، ورئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز بإلقاء كلمات في هذه المناسبة والرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، ورئيس وزراء السلطة الفلسطينية محمد مصطفى.

ومن كان من أ لمتوقع حضور نتانياهو الذي آثار جدلاً في الأوساط السويسرية حيث إختلف الرأي العام السويسري في حضوره الذي ربما كان سيحرج مستشاري الكونفدرالية السويسرية و يربك أعمال وجدول المنتدى العالمي لأنه مطلوب لدى محكمة الجنايات الدولية (ICC) التي صادقت عليها سويسرا.

ترامب يخاطب المنتدى 

واستمع  المنتدى في دورته الخامسة والخمسين،  إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي أعيد انتخابه (الذي كان من المفترض أن يحضر  الفعاليات، لكنه شارك بكلمة عبر تقنية الفيديو كونفريس) يوم الخميس،  قال فيها : إن الولايات المتحدة لا تحتاج إلى أي نفط أو غاز أو سيارات أو أخشاب كندية، مكررا اقتراحه بأن تصبح كندا الولاية الأميركية رقم 51،  ووعد بأن تشهد بلاده حقبة ذهبية في عهده، وأخذ يعدد الإجراءات الاقتصادية التي يعتزم اتخاذها منها  مطالبة السعودية خفض سعر برميل النفط وذلك سيسهم في إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، و أضاف أن السعودية ستستثمر 600 مليار دولار وسأطلب إيصالها إلى تريليون دولار.

وأعتبر بعض المراقبين أنّ ترامب  يتبنّى سياسية التهديد و الوعيد ، سواء من خلال التهديد بزيادة الرسوم الجمركية على الواردات أو من خلال العودة إلى الوطنية الاقتصادية بشعاره “أمريكا أولاً”. في حين أن منظمّي ومنظّمات المنتدى الاقتصادي العالمي يسعون إلى تعزيز الاتجاه المعاكس.

ركّز البرنامج بجانب الذكاء الصناعي على القضايا الجيوسياسية الهامة وتحدثت  رئيسة البرلمان الأوروبي، روبيرتا ميتسولا، ووزيرة الخارجية البولندية في ندوة بعنوان: “أوكرانيا: الطريق الذي يجب اتباعه”. بالإضافة إلى ذلك، شارك وزير المالية السويدي في مائدة مستديرة مخصصة لمناقشة “روسيا ومكانتها في العالم عام 2025”.

و عقد المنتدى حلقة نقاش  رفيع المستوى ضمت كلٌ من وزراء خارجية المملكة العربية السعودية والأردن والعراق حول سبل خفض التوترات في منطقة الشرق الأوسط. بالإضافة إلى ذلك، عقدت ندوة حول “خطوط الصدع في أمريكا اللاتينية” حيث شاركت فيها رئيسة بيرو، دينا بولوارتي، ونظيرها من بنما، خوسيه راؤول مولينو.

وقدم  مؤسسّ المنتدى الاقتصادي العالمي، الألماني كلاوس شواب، مقابلاته “وجهًا لوجه” (لكن بحضور الجمهور طبعاً) مع رئيس بنغلاديش بالإنابة ، محمد يونس، ورئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم. 

ويحذّر المنتدى الاقتصادي العالمي من اتساع هوة الانقسامات المجتمعية، خاصة عندما تكون مصحوبة بنوع من التهديد ، معتبراً أن ذلك يعيق التبادل التجاري والاستثمار. ويأمل المنتدى في إقناع النخبة الدولية بأن التعاون لمساعدة العالم على الانتقال إلى اقتصاد رقمي ومستدام يمكن أن يكون علاجًا للمنافسة بين القوى العالمية.

وأعتبر المنتدى أن  مشروع ” (X-Road) نموذجاً جيداً للتعاون في تطوير البنية التحتية و الإستثمار  وهو عبارة عن نظام لتأمين تبادل البيانات بين القطاعين الخاص والعام. إلى جانب ذلك، تقتضي الثورة الرقمية الشاملة تبادل البيانات عبر الحدود. 

و حسب منتدى دافوس الإقتصادي أنه إذا أردنا التقدّم في مجالات كالطب، والمركبات ذاتية القيادة، و القضايا المالية  يمكن استخدام برنامج “” (GAIA X) مثالاً للمبادرة في هذا المجال.

وهذا البرنامج هو عبارة عن جدول بيانات سحابية (كلاود) لا مركزي يضمّ عدة بلدان وصناعات ومنظّمات أوروبية، يهدف إلى تحسين التبادل الآمن للبيانات وتطوير الذكاء الاصطناعي. ويُمكِّن الشركات الناشئة والمؤسسات العمومية في جميع أنحاء القارة من الوصول إلى مجموعات هامة من البيانات العامة، طبقاً للائحة العامة لحماية البيانات. فعلى سبيل المثال، يمكن توظيف مقاطع فيديو خاصة بعمليات جراحية لتدريب الذكاء الاصطناعي على الكشف عن مخاطر أثناء العمليات الجراحية.

فيما يتعلق بالسرطان، يمكن أن تسهم تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والتطبيب عن بُعد والمنصات الرقمية للصحة في تحسين جودة التشخيص والوصول إلى العلاج، فضلاً عن تقليل نفقات الأدوية.

يمكن أن تلعب التكنولوجيا أيضا دوراً مهماً في توزيع اللقاحات، حيث إن حوالي واحد من كل عشرة أشخاص لا يحصل على التطعيمات الأساسية. يمكن للتكنولوجيا المستخدمة في سلاسل التوريد الصناعية أن تساعد في تحديد أنسب وسائل النقل لتحسين مواعيد التسليم، بالإضافة إلى تحسين إدارة سلسلة التبريد لضمان فعالية اللقاحات.

كما يمكن أن يكون التحوّل الرقمي العالمي مفيدًا للبيئة أيضًا. ويتطلب النمو الاقتصادي استغلالاً متزايداً للموارد، ومن المتوقع أن يرتفع بنسبة 60% من الآن وحتى عام 2060، وفقًا للمنتدى الاقتصادي العالمي.

لهذه الأسباب كلها، ستصبح أهمية التكنولوجيا والابتكار للاقتصاد الدائري، من حيث الاستخدام الأكثر كفاءة وفعالية للموارد، موضوعًا رئيسيًا في قمة دافوس 2025.

وفي سياق الاقتصاد الدائري بالتحديد، يشهد قطاع الاقتصاد الحيوي نمواً ملحوظاً، حيث من المتوقع أن تصل استثماراته إلى 30،000 مليار دولار بحلول عام 2030. يعتمد هذا القطاع على استغلال المواد الأولية العضوية المتجددة مثل المحاصيل الزراعية، والموارد الغابية، والموارد البحرية، في إنتاج الأغذية والمواد والطاقة. ويعتبر الوقود الحيوي، والبلاستيك الحيوي، والمواد الكيميائية، والمستحضرات الصيدلانية التي تعتمد على مصادر بيولوجية جزءاً أساسياً من هذا الاقتصاد.

التغلّب على النزعة الحمائية والوطنية الاقتصادية لا ريب أن تبادل البيانات يعد أمرًا حيويًا، كما سبق الذكر، لتحقيق الفوائد المتزايدة من التقنيات والخدمات الرقمية. ومع ذلك، فإن هذه المهمة ليست بسيطة بالنسبة للاقتصادات المتنافسة التي تتوخى الحذر من بعضها البعض.

وتقول نينغ وانغ ، الخبيرة في الأخلاقيات والشؤون السياسية لدى *مبادرة المجتمع الرقمي* ” في جامعة زيوريخ إن “الكثير من الدول منشغلة بمعرفة المكان الذي تستطيع فيه إيواء بياناتها ومن يحق له الاطلّاع عليها”. وتردف قائلة: “إن بعض هذه الدول تعتبر البيانات ملكية وطنية، ولهذا تبذل قصارى جهودها لضبط ومراقبة تدفقّات البيانات خارج حدودها.”     

وتشير الخبيرة إلى أن توحيد التشريعات والأطر التنظيمية المتعلقة بحماية البيانات قد يشكّل تحدّيًا، خاصة عندما يتعلق الأمر بتبادل البيانات الحسّاسة، مثل الملفات الطبية أو بيانات الاستشعار للمركبات ذاتية القيادة.

نتيجة لذلك، يثير تبادل البيانات عبر الحدود مسائل أساسية تتعلق بالأخلاقيات والحوكمة، حيث تختلف المعايير والقدرات الخاصة بأمن وسريّة البيانات من بلد إلى آخر.

ومع ذلك، فإن وضع معايير واتفاقيات دولية بخصوص تبادل البيانات يمكن أن يوفّر إطارًا يسمح للبلدان بالتعاون، مع مراعاة انشغالاتها المتعلقة بالسيادة.

وترى نينغ وانغ أن هناك مؤسسّات دولية مثل الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية، وكذلك جمعيات مهنية مثل معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات، يمكنها أن تؤدي دوراً مركزياً في تحديد هذه المعايير.

وتقول الباحثة في هذا الصدد: “إن التركيز على المنافع المتبادلة لتبادل البيانات، في إطار هذه العملية، يمكن أن يساعد على التغلّب على الوطنية الاقتصادية. يمكن مثلاً أن يؤدي تحصيل البيانات من عدة دول إلى مجموعات بيانات أكثر اكتمالاً لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، ممّا يعود بالفائدة على كافة الأطراف المعنية.”

كما يمكن للتطوّرات التكنولوجية، مثل تقنيات التشفير التي تحمي البيانات مع السماح بالتبادل العابر للحدود، أن تساعد أيضاً في التخفيف من بعض الهواجس. وأخيراً، يمكن للحكومات أن تدعّم الابتكار من خلال سياسات تشجّع تبادلاً مسؤولاً للبيانات مع ضمان حماية المصالح الوطنية.

توضّح نينغ وانغ أن ذلك يمكن أن يتم مثلاً من خلال “حثّ الشركات على تبادل البيانات غير الحسّاسة أو إنشاء صناديق بيانات تديرها هيئات دولية خدمة للمصلحة العامة.”

و شرك في أعمال المنتدى أكثر من 1600 من قادة الأعمال، بينهم أكثر من 900 من كبار الرؤساء التنفيذيين ورؤساء مجالس إدارات الشركات الأعضاء والشركاء في منتدى دافوس، وأكثر من 120 منهم من المبتكرين العالميين ورواد التكنولوجيا والشركات الناشئة التي تعمل على تحويل الصناعات.

كذلك شارك أكثر من 170 من قادة المجتمع المدني، من النقابات العمالية والمنظمات غير الحكومية والسكان الأصليين إلى الخبراء ورؤساء الجامعات الرائدة ومؤسسات البحث ومراكز الفكر.

وحضر  المنتدى  أكثر من 160 عضوا من أعضاء المنتدى، بما في ذلك الشركات الناشئة ورواد التكنولوجيا، والمؤثرون في العالم، ومنتدى القادة العالميين الشباب، ومؤسسة “شواب” لريادة الأعمال الاجتماعية لعرض الابتكارات والحلول المحلية للتحديات العالمية.

Global Media News

View all posts
arالعربية