جنيف 18 فبراير 2025
وجد تقرير صادر عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان أن ترسخ حالة الإفلات من العقاب أدى إلىتأجيج الانتهاكات والتجاوزات الجسيمة لحقوق الإنسان في السودان مع اتّساع رقعة القتال إلى أجزاء أخرى من البلادوانخراط جهات مسلحة إضافية، داعياً إلى بذل جهد دولي أوسع نحو المساءلة ووقف تدفُق الأسلحة.
ويستعرض التقرير الهجمات على المناطق المكتظة بالسكان ومخيمات النازحين والمرافق الصحية والأسواقوالمدارس. وأيضاً وثـق تنفيذ إعدامات بإجراءات موجزة ذات دوافع عرقية.
كما يوثّق التقرير نمطاً متواصلاً للهجمات على المرافق الصحية. ففي الفترة من 9 مايو إلى 23 يونيو 2024، وثقمكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تسع هجمات استهدفت المرافق الصحية في مدينة الفاشر، نُسبت معظمهاإلى قوات الدعم السريع.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك: “إن الهجمات المستمرة والمتعمدة على المدنيينوالأعيان المدنية، فضلاً عن عمليات الإعدام بإجراءات موجزة والعنف الجنسي وغيرها من الانتهاكات والتجاوزات،تؤكد الفشل التام لطرفي النزاع في احترام قواعد ومبادئ القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي حقوق الإنسان“.
وأضاف المفوض السامي أن “بعض هذه الأفعال قد ترقى إلى جرائم حرب، ويجب التحقيق فيها بشكل فوريومستقل، بهدف تقديم المسؤولين عنها إلى العدالة“.
ويشير التقرير أيضاً الى الحاجة لإجراء المزيد من التحقيقات لتحديد ما إذا تم ارتكاب جرائم دولية جسيمة أخرى،بما في ذلك الجرائم الفظيعة.
ويوصي التقرير بأنه ينبغي على المجتمع الدولي، من ضمن تدابير أخرى، توسيع نطاق حظر الأسلحة وامتداد الولايةالقضائية للمحكمة الجنائية الدولية لتشمل كامل السودان، إذ يقتصران حالياً على إقليم دارفور فقط.
وقد تم توثيق حوالي 120 حادث عنف جنسي متصلاً بالنزاع من أبريل 2023 حتى تشرين الثاني/نوفمبر 2024،شملت ما لا يقل عن 203 ضحايا، من بينهم 162 امرأة و36 فتاة. ويبدو أن تقارير العنف الجنسي تتبع نمطاً جغرافياًمع انتشار القتال في مختلف أرجاء البلاد وتعدد جهات فاعلة يُزعم ارتكابها لهذه الانتهاكات، مما يوضح استخدامالعنف الجنسي بشكل ثابت. ومع ذلك، هناك نقص شديد في الإبلاغ عن هذه الحالات، ويرجع ذلك بشكل كبير إلىوصمة العار والخوف من الانتقام وانهيار المؤسسات الطبية والقضائية.
وأشار تورك الى “إن الاستخدام المستمر للعنف الجنسي كسلاح حرب في السودان أمر مروع للغاية. ويجب علىالأطراف كافة اتخاذ خطوات عاجلة لوضع حد لذلك، ومحاسبة المسؤولين عنها وتوفير سبل الإنصاف للناجين“.
ويورد التقرير أيضاً تفاصيل بشأن حالات الاختفاء الواسعة النطاق وحالات القمع العامة للفضاء المدني، بما في ذلكقتل الصحافيين والاعتداءات على المدافعين عن حقوق الإنسان. حيث قُتل ما لا يقل عن 12 صحافياً، اثنان منهمأثناء الاحتجاز، واعتقل تعسفاً 31 آخرون، بينهم أربع نساء.
منذ أبريل 2023، عندما بدأ الصراع، تسبب في أكبر أزمة نزوح في العالم، ووضع غير مسبوق للأمن الغذائي، إذ يواجهنصف السكان انعدام الأمن الغذائي الحاد وتأكدت ظروف المجاعة في خمسة مواقع على الأقل. وجاء النزاع أيضاًليقوض الحق في الصحة والتعليم، حيث توقفت 70 إلى 80 في المئة من المرافق الصحية عن العمل، وأصبح أكثرمن 90 في المئة من الأطفال في سن الدراسة لا يمكنهم الحصول على التعليم الرسمي.
وخلال العام 2024، وثق المكتب مقتل أكثر من 4200 مدنياً في سياق الأعمال العدائية.* ومن المرجح أن يكونالعدد الإجمالي للضحايا المدنيين أعلى من ذلك بكثير، نظراً للتحديات الكبيرة المتعلقة بالأمن والوصولوالاتصالات.
وفي حادثتين من بين الأكثر دموية، قُتـل ما لا يقل عن 141 مدنياً وجُرح أكثر من 200 آخرين عندما هاجمت قواتالدعم السريع قريتي السريحة وأزرق في ولاية الجزيرة في 25 أكتوبر 2024. وفي 4 أكتوبر 2024، قُتـل ما لا يقل عن50 مدنياً وجُرح ما لا يقل عن 150 آخرون في غارة جوية يُشتبه في أن القوات المسلحة السودانية شنتها على سوقللماشية في الفاشر، شمال دارفور.
“مع احتدام حدة القتال للسيطرة على الخرطوم والفاشر، ما زلت أشعر بقلق بالغ بشأن حماية المدنيين، وخاصةأولئك الذين ينتمون إلى فئات تعرضت للتمييز المستمر“، قال تورك.
وشدد المفوض السامي على أن المساءلة، بغض النظر عن رتبة الجناة وانتماءاتهم، أمر بالغ الأهمية لكسر دائرةالعنف والإفلات من العقاب المتكررة في السودان.
ومن المُقـرر أن يُقـدم التقرير إلى مجلس حقوق الإنسان في 27 فبراير.