أعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن قلقه العميق إزاء المعلومات التي وردت خلال الساعات الـ 48 الماضية من وكالات الأمم المتحدة والعديد من المنظمات غير الحكومية الإنسانية والمعنية بالتنمية – بشأن التخفيضات الحادة في التمويل من قبل الولايات المتحدة.
وفي حديثه للصحفيين قال أنطونيو غوتيريش إن هذه التخفيضات تؤثر على مجموعة واسعة من البرامج المهمة والمساعدات الإنسانية المنقذة للحياة، ودعم المجتمعات الهشة التي تتعافى من الحروب أو الكوارث الطبيعية، والتنمية ومكافحة الإرهاب والاتجار غير المشروع بالمخدرات.
وقال إن العواقب ستكون مدمرة بشكل خاص على الفئات الضعيفة في جميع أنحاء العالم. وأشار إلى أن أكثر منتسعة ملايين شخص في أفغانستان سيُحرمون من الخدمات الصحية وخدمات الحماية، مع تعليق الخدمات التيتقدمها مئات الفرق الصحية المتنقلة.
أما في شمال شرق سوريا، حيث يحتاج 2.5 مليون شخص إلى المساعدة، فإن غياب التمويل الأمريكي يعني أنالبرامج ستترك أعدادا كبيرة من السكان أكثر عرضة للخطر، كما قال الأمين العام.
وفي أوكرانيا، تم تعليق البرامج القائمة على النقد في مناطق رئيسية. وقال غوتيريش إن تلك البرامج تعد سمةرئيسية للاستجابة الإنسانية وقد وصلت إلى مليون شخص عام 2024.
أما في جنوب السودان، فقد نفد التمويل المخصص لبرامج دعم الأشخاص الفارين بسبب النزاع في السودان المجاور، مما ترك المناطق الحدودية مكتظة بشكل خطير.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة إن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة سيُضطر إلى وقف العديدمن برامجه لمكافحة المخدرات، بما في ذلك برنامج مكافحة أزمة الفنتانيل، وتقليص أنشطة مكافحة الاتجار بالبشربشكل كبير.
كما توقف تمويل العديد من برامج مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز والسل والملاريا والكوليرا.
دور أمريكي رائد على مدى عقود
وأعرب غوتيريش عن امتنانه للدور الرائد الذي قامت به الولايات المتحدة على مدى عقود. وقال إن الأمم المتحدة– بفضل سخاء المانحين وعلى رأسهم الولايات المتحدة – تساعد وتحمي أكثر من 100 مليون شخص كل عام منخلال برامجها الإنسانية من غزة إلى السودان وأفغانستان وسوريا وأوكرانيا وغيرها.
وأضاف: “يدعم التمويل الأمريكي بشكل مباشر الناس الذين يعيشون في الحروب والمجاعات والكوارث، ويوفر لهم الرعاية الصحية الأساسية والمأوى والمياه والغذاء والتعليم – والقائمة تطول. الرسالة واضحة. إن سخاء الشعب الأمريكي وتعاطفه لم ينقذ الأرواح ويبني السلام ويحسّن حالة العالم فحسب، لقد ساهم في تحقيق الاستقرار والازدهار الذي يعتمد عليه الأمريكيون”.
وذكر أن المضي قدما في هذه الاقتطاعات سيجعل العالم أقل صحة وأمنا وازدهارا. وقال إن تقليص دور الولاياتالمتحدة الإنساني ونفوذها سيتعارض مع المصالح الأمريكية على الصعيد العالمي.
وأعرب أنطونيو غوتيريش عن أمله في أن يتم التراجع عن هذه القرارات بناء على مراجعات أكثر دقة، وقال إن الأمرنفسه ينطبق على الدول الأخرى التي أعلنت مؤخرا عن تخفيضات في المساعدات الإنسانية والإنمائية.
وأكد أن جميع وكالات الأمم المتحدة تقف على أهبة الاستعداد لتقديم المعلومات والمبررات اللازمة لمشاريعها. وأعرب عن تطلعه إلى العمل مع الولايات المتحدة في هذا الصدد.
وأكد فعل كل ما يمكن لتقديم المساعدات المنقذة للحياة لمن هم في حاجة ماسة إليها، “ومواصلة الجهود لتنويعمجموعة المانحين الأسخياء الذين يدعمون عملنا“.
صحة النساء والفتيات
وقد أوقفت الولايات المتحدة الأمريكية تمويلا يقدر بـ377 مليون دولار لصندوق الأمم المتحدة للسكان، المعنيبتعزيز الصحة الإنجابية والجنسية مما يثير مخاوف من حدوث “آثار كارثية” على النساء والفتيات بمختلف أنحاءالعالم.
وقال الصندوق – في بيان صحفي – إنه أُبلغ في السابعة مساء يوم 26 شباط/فبراير بأن جميع المنح تقريبا، المقدرعددها بثمان وأربعين، من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ووزارة الخارجية الأمريكية قد أُنهيت.
وذكر الصندوق أن القرار ستكون له آثار مدمرة على النساء والفتيات والصحة وعاملي الإغاثة الذين يخدمونهن فيأسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. وكانت منح الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مخصصة لتوفير الرعاية الصحيةالحرجة للأمومة والحماية من العنف والعلاج بعد الاغتصاب وغير ذلك من الرعاية المنقذة للحياة.
ويشمل ذلك عمل صندوق الأمم المتحدة للسكان في مناطق منها غزة والسودان وأوكرانيا، لإنهاء الوفيات أثناءالحمل والولادة، وتعزيز الولادات الآمنة، ومعالجة العنف المروع الذي تواجهه النساء والفتيات.
ويعمل الصندوق بالشراكة مع 150 دولة لتوفير نطاق واسع من خدمات الصحة الجنسية والإنجابية منها تنظيمالأسرة والوقاية من وفيات الحمل والولادة والعنف القائم على النوع الاجتماعي والممارسات الضارة مثل تزويجالأطفال وتشويه الأعضاء التناسلية للأطفال.
وكانت المنح الأمريكية تمول برامج في دول مثل سوريا والسودان وأفغانستان وتشاد وجمهورية الكونغو الديمقراطيةومالي وهايتي.
ويأتي وقف التمويل الحالي بعد تدابير أمريكية مماثلة سابقة تجاه منظمات إنسانية منذ أواخر يناير/كانون الثاني، بمايؤثر على ملايين المستفيدين من خدمات وإمدادات أساسية من وكالات أممية مثل صندوق الأمم المتحدة للسكانوبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالإيدز.
ويتعرض الصندوق لادعاءات لا أساس لها من الصحة بأنه يدعم الإجهاض القسري أو التعقيم الإجباري. وأكدالصندوق أن ولايته تتناقض مع تلك الادعاءات وأنه يعمل على تأمين الحقوق والخيارات للجميع.
ويعتمد صندوق الأمم المتحدة للسكان بشكل كامل على التبرعات الطوعية من الحكومات والمنظمات الحكومية والمؤسسات والقطاع الخاص والأفراد.