ضياء الدين حسين
بالنظر الي العقوبات الجديدة التي أعلنتها الإدارة الأمريكية على السودان علي خلفية إدعاءات متعلقة السوداني لاسلحة كيميائية محظورة دوليا في الحرب الدائرة الآن في السودان. تبرز إلي السطح بعض التساؤلات المثيرة للاهتمام علي شاكلة أين تم استخدام هذه الاسلحة في العام ٢٠٢٤ في السودان؟ وفي خلال أيالمعارك التي خاضها الجيش؟ و هل تتوفر ادلة موثقة تؤكد استخدام الجيش لهذه الأسلحة المحرمة دوليا؟ فإذاكانت الإجابة بنعم، لماذا لم يتم عرضها علي الراي العام و اقتصر الامر علي تقديم معلومات شحيحة حول هذهالاتهامات الخطيرة التي استوجبت فرض عقوبات بهذا الحجم؟
تبرز هذه التساؤلات و في الأذهان حادثة قصف الولايات المتحدة لمصنع الشفاء في الخرطوم بحري في تسعينياتالقرن الماضي علي خلفية إدعاءات مشابه بإنتاج مصنع الادوية و العقاقير الطبية لأسلحة كيمائية محظورة وضحلاحقا بأنها كانت إدعاءات كاذبة و غير صحيحة.
و في ظل عدم توفر اجوبة مقنعة لهذه الأسئلة المشروعة، و عطفا علي توقيت إعلانها، يبدو بأن الإدارة الأمريكية قداتخذت قرارًا يفتقد الي الحكمة و تكرر بذلك خطأها القديم مرة أخري تجاه شعب السودان. إذ يمكن ان يترجم فرضها لهذه العقوبات علي السودان علي انه تحيز من جانب الولايات المتحدة الامريكية لاحد اطراف الصراع حساب الطرف الاخر و شعب السودان. فالمواطنون السودانيون يعانون كثيرا من وطأة الحرب الدائرة الآن منذ اكثرمن عامين. و كما هو معلوم فإن الجيش السوداني بخوض حرب ضروس ضد ميليشيات الدعم السريع الاجرامية التيتحظي بدعم عسكري و لوجستي كبير من دولة الامارات العربية. إذ يتشمل هذا الدعم علي الإمداد بالسلاح و الذخائرو الطائرات المسيرة و أنظمة التحكم من بعد متطورة يديرها خبراء عسكريون مرتزقة من مختلف دول العالم برعايةو اشراف مباشر من دولة الإمارات. و هكذا اصبحت دولة الإمارات متورطة بصورة مباشرة في الحرب علي السودان، وبالضرورة أضحت شريكة في كل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية و جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبتها قواتالدعم السريع في دارفور و الجزيرة و الخرطوم وفي أجزاء أخرى من البلاد. لكن هذا الامر لن يمنعنا من التعبير عنادانتنا الشديدة للجيش في حال ثبت استخدامه لهذه الاسلحة المحظورة في هذا الصراع من خلال إجراء تحقيقاممي مستقل و شفاف حتي يقف العالم علي حقيقة هذه الاتهامات. هذا من ناحية. و من الناحية الاخري، فإنه ليسمن المقبول أن تفرض الإدارة الأمريكية مثل هذه العقوبات التي تشمل الحظر علي مبيعات السلاح لجيش السودان،استنادا الي ادعاءات غير مؤكدة حتي الآن. و في الوقت ذاته تكافئ دولة الامارات العربية بإبرام صفقة بيع السلاحبمئات المليارات من الدولارات، و هي الدولة التي تغذي الحرب في السودان التي بسببها أصبح ملايين السودانيينيعانون من شبح الموت جوعا و من المرض و النزوح و التشرد بدعمها العسكري المستمر لمليشيات الدعم السريع. و بدلا من ذلك، كان حريا بالولايات المتحدة أن تستخدم نفوذها لإجبار الطرفين علي الجلوس للتفاوض، و أن تعملعلي وقف الحرب و وقف معاناة المواطنين. اننا ندرك أن الإدارة الأمريكية بقيادة ترمب تضع لمصالحها الاقتصادية وعلاقاتها التجارية “المربحة” مع دولة الإمارات “الغنية” اعتبارات خاصة. لكن، لا ينبغي أن يكون هذا على حسابمعاناة شعب السودان، الذي يتعرض للموت و القتل بالسلاح ألامريكي الصنع، الذي توفره دولة الإمارات لمليشياتالدعم السريع.
خلاصة القول، إن فرض هذه العقوبات علي السودان يبين بوضوح ازدواجية المعايير لدي الولايات المتحدة وسياستها الخارجية خاصة عندما يتعلق الامر بقضايا حقوق الانسان و حماية المدنيين.
ناشط و حقوقي مختص في القانون الدولي لحقوق الإنسان